اليوم
وبكامل شوقي
أعترف
أمام عدالة السماء
أني أدمنتك حتى الإنتشاء
و حتى الموت احتراقا
على جمر الحنين
وأني تغتالني الحاجة إليك
ساعة تلويحة الوداع
فيختفي ظلي لائذا بظلك
ويندس قلبي في جيوب الوله
مودعا أضلعي
تاركا لي الفراغ
ورتابة الشجن
يدفعني شوقي
لارتكاب جرائم
يعاقب عليها العقل
ويرفضها الوعي
أعترف
والاعتراف سيد الأدلة
أني أحببتك بكل جنوني وجموحي
وخوفي ووهمي ويقيني وظنوني
وأني بكل سبق إصرار وترصد
أرسلت إليك طرفي يستفز وجدك
وأني سألت الله أن تكون لي
أو أكون انا لك
أو نكون كلنا معا
وأني وقفت بين يدي رحمته
و استغفرت من ذنوبي كلها
واستبقيت ذنبك
أعترف
أني مارست قتل
الوقت في بعدك
بخناجر الشوق
واغتلت البسمة
على شفاه الصمت
وأشعلت حرائق الحنين في
مدن الأحلام احتجاجا على
غياب طيفك
وأني مارست الإرهاب علي
عقلي فأرسلته إلى معاقل
التعذيب في سجون الشك
و قطعت الطريق على كل
من حاولن الوصول إلى مدنك
ومارست جرائم السطو المسلح
على كنوز مشاعرك
بأسلحة ممنوعة في عرف البشر
لأحصل على جرعة حنان
وأعترف
أني أدمنك كلك
أدمنت جنونك وغرورك
صمتك وبوحك
بعدك قربك صدك
أدمنتك حتى صرت
أتنفسك هواء
وأشمك عطر
وأستنشقك دواء
و أرتويك ماء
وأسكنك وطن
وغضضت الطرف عن
كل هفواتك ونزواتك
و طغيانك وقهرك
فكنت أول خطاياي
وآخر ذنبك
ما بين وردة حمراء
وأخرى
همسات تعاتبنا
قطفها وتركها
على مقبرة الوعد
كيف نحملها بيد اللهفة
وكيف نرميها بحرقة الفقد
اليوم أقطف عمدا
وردة أخرى
أمزقها مرددة
ستأتي…؟
أو لن تأتي…؟؟
فأنا مشتاقة إليك
أعترف
اليوم محتاجة إليك أكثر
ابتعدنا حتى الاغتراب
وأصبح الأنين نشيجا
وأجنحة اللهفة
مكسورة على
مشارف الجليد
والخطى مقيدة بقيود الغرور
والأشرعة تتحاور والرياح
عن سر العناد
والماء مأسور في البحر
تلهو به الأمواج ويخنقه الملح
تماما كالدمع في الأحداق
وعيناي تلهوان ببقايا صور
وأذني تستعيد الهمس
أشعر بالبرد يغتال أطرافي
أتكور أمام مدفأة الشوق
كل فناجين الصبر فارغة
وكل الصور تطالبني التذكر
افتش عنك في دواليب العمر
وبين كل خلية مرت بها
أصابع دفئك ذات حنان
صارخة أمام الصمت
فيرتد الصدى
أريد أمان
أعترف
اليوم أشعر بحنين أكبر
أشعر بالنخل ينحني يقبل
هامة السحب يستحث المطر
كيف الانحناء إلى أعلى
ليتني أنحني كما النخل يفعل
اليوم تغرد عصافير حزني
وترفرف أضلعي كطائر
يمارس الرقصة الأخيرة
أمام عرش الموت
اليوم ذكرى وقوفك
بكامل عنفوانك
وإعلانك الحب
على مملكتي
و تيقنك من السيطرة
على حدود مدني
ومحاصرة يقيني
فانهارت أسوار مقاومتي
أمام سيول عشقك
و اندفاع مشاعرك
فأصبحت أنا بكاملي أنت
اليوم أعلنت لك
الاستسلام ورفعت
الراية البيضاء
وأصبح أسمك نشيدي الوطني
وطبعت صورتك على صكوك الوفاء
وأمرت مشاعري تبايع قلبك
اليوم استدعيت حراس القصر
و وسرحت جنود الصمود
وأعددت مراسيم الولاء
بشهادة كل من
ارتجافات الرمش
واختلاجات العروق
وشهقة الوله
والتفاته الدهشة
أنت بقربي ونحن معا
نتابع طقوس اللقاء
ونرتشف طعم المساء
النجم والقمر والليل والورد والعطر
وظلال تتراقص على حدود الأفق
أنفاس تتلاحق بزفرات الحنين
كل شيء كل شيء
ينبأ باستحالة الفراق
في مثل هذا اليوم
عاندتنا الأقدار
وأسلمتنا ليد الاختيار
الموت حبا على حدود الجفا
او الموت حبا بجرعة أشواق
فاخترت أنت الجفا
واخترت أنا الشوق
فتلاشى الحلم
مع تباشير الصباح
وبقى الفراق
شاهدا على بشاعة
الأسى وعلى وحشة العذاب
كالموت كالانتحار كالاحتضار
عندما يداهمني الشوق
في لحظة الذكرى او
لحظة الانتظار
كسهم يشق
تفاحة الوهم
أعترف
برغبة أخيرة :
اليوم مشتاقة
أنا أن أحلم
أكثر وأكثر و أكثر
بأن كل شيء لم يتغير
حقيقة أو وهم
همسة أخيرة :
لو يعاد الاختيار
لاخترت شوقا أكثر
لن أمانع الموت بجرعة شوق أكبر
بشرى أخيرة :
لم تنجح محاولات أطباء النسيان
في استئصالك من دمي
لقد خبأتك في أعماق الروح
و (الروح من أمر ربي )
التوقيع
مدمنتك