هذيان على أطلال الهوى


 

 

 

 

 

يا صاحبيّ الحزن

قفا بأطلال الهوى

و اسكبا الشوق في كؤوس الوجد

 و دعوني أبكي زمان مضى

حين كنا و الحب على موعد

يا صاحبّي الحزن

إن الحزن منفى

 يدوي فيه الصمت

ويزمجر الخوف و يرعد

و يرتد فيه  أنين صدى

و تموج في بحره الأشجان

و تنعب على  أغصانه

غربان الأسى

مرتجفة أنا حد التجمد

فلا معطف صبر يدثرني

و لا نيران شوق في الموقد

 

يا صاحبّي الحزن

هلا تركتما

 أحاديث الفراق

و حكايات الصد

و الخائب من الرجاء

و البائد من   الوعد

و الخامد من الشوق

و الحنين المترمد

و أخذتما بعضد أشجاني

دعوني  أرمق موكب الرحيل

يطفئ أضواء الفرح و يلقي رداء السواد

على دنيا جنوني

 

دعوهم يرحلون

 يكفي نداء

فالموتى لا يعودون

لا ينفضون أكفانَ الردى

ولا يفرون من دود الظنون

و لا يخرجون من أجداث الأنا

ولا يسمعون نداء الوجد

 

الراحلون  على مطايا العناد

تتوه خطاهم  في أودية الضياع

و يبتلعهم المدى و يُغيبهم الأبد

 

فدعوهم في قبور

مكتوب على

شواهدها

من هنا يمر موكب النسيان

يتقدمه ثلة من أشباح الوحشة

تعزف على طبول الظنون

لحن الفراق الحزين

تُشيعهم حسرات المشفقين

ونظرات الشامتين

أما هم ففي غيابهم سادرون

 

 

يا صاحبي الحزن

قفا بي

تعبت  من التجوال

في متاحف  الضجر

و من استعراض لوحات الأسى

و من تقليب صفحات العمر

وجوه أعرفها

 تمر خرساء  كالسحب

ترسل رياح العتاب

و تظن بالمطر

وجوه سقطت أقنعتها

 فما عدت أعرف

 من غاب منها

ومن حضر

و وجوه تعرفني

تستظل حرفي

 و تكتبني غير أني

لا أعيرها إلا كلمات

 و بعض أسطر

وجوه تسرقني تغرسُ أنيابها

في صميم  مشاعري

و تفترس الفكر

يا صاحبي الحزن

أنادي ولا من مجيب

غير و جيب  قلب  خائفا

وارتداد جفن أدمن السهر

ليخرج مارد القلق

من قمقم الصمت

يعدني بالويل الندم

أنادي

أيها الغائب في أعماق الروح

 هاك عيني أن خدعك البصر

ما جدوى عيون

لا تكون لك وطن

هاك  قلبي إن خانك النبض

و تخلت عنك الأوردة

أيها الغائب قلي

كيف أبدأ رحلة العودة

أنظر هناك في الأفق البعيد

لا أرى شيئا غير العدم

و أطياف ضوء وحيد

 وذكريات و بقايا   حلم

و شيئا من جنون

خيال و صور

يووه

لا تشح بوجهك عني

تعال أوشوشك سر

و امضي بعدها في الغياب

تعال أبثك شيئا يجول في الصدر

تعال ما عدت أعي

لقد  أثملني    وجد

و تاه عقلي في بيداء الهجر

 

تعال أقل لك ما لم أقله لأحد

قد كنت  أحدثك    وهما

فلما استوي  حقيقة

همست أني أخاف منك

إن كنت بشر

شكرا لأنك صنتني

 فلذت بحرماني أتطهر

يا صاحبيّ الحزن

 قربا لي قلم و دفتر

أخط له من مما يجول في

خاطري و أكثر

(( أن كنت قد أحببتني

فاعلم أني أحببتك أكثر…))

و اتركاني أغنيها لليل

لقمره  كان شاهدنا

حين كنا تحت ضوءه  نسهر

 يا صاحبيّ الحزن

انتهى البوح و جفت الأوراق

و خمدت الأشواق

فدعوني بصمتي أتدثر

 

 

 

 

 

هذا المنشور نشر في غير مصنف. حفظ الرابط الثابت.

3 Responses to هذيان على أطلال الهوى

  1. محمد كتب:

    الله الله يا سلوة
     
    ما هذا الإبداع
     
    هذيان على أطلال الهوى
     
    قصيدة نثرية
     
    جعلتني أستحضربضع لمحات
     
     من قصة ( يوسف عليه السلام ) مع صاحبي سجنه .. ومن مرثية (مالك بين الريب ) وهو يناشد صاحبي رحله ، قائلاً : (( فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا .. برابية إني مقيم لياليا ))ه
     
    وأخيرا .. من حديث ( مريم عليها السلام ) .. إلى روح القدس ( جبريل عليه السلام ) .. خين تمثل لها بشراً سويا .. فيما قبل نهاية قصيدتك بقليل
     
    دون مبالغة أو  مجاملة .. أبدعت في رسم صور ومعاني الإحساس بالألم والوحدة والتحسّر وخيبة الظن والأمل
     
    وهذا عهدي بك دوما .. مذ عرفتك
     
    تكتبين بالفرشاة .. وتسطرين بالألوان .. نصوصاً أدبية .. هي أشبه ما تكون باللوحات الفنية
     
    ما أسعدني بك .. وما أشد فخري واعتزازي بقلمك المبدع الرائع
     
    حيث تكونين .. يكون الجمال .. وحيث تتواجدين .. يتضوع العطر .. وينتشر السحر
     
    دمت جميلة .. دمت نقية بهية مضيئة
     
    تحياتي ومودتي وتقديري
     
    محمد البلوي
     
     
     
     

  2. dream كتب:

    يا صاحبي الحزن
     
    أبدعت ِ يا أقرب الناس
     
    🙂
     
    حلم

  3. ضيف. كتب:

    تحية اجلال واكبار
    لايستغرب الابداع
    من منابعة
    اختي الغالية
    شكرآ على الانحاف
    ولك من الود ماتعهدينه
    لاخلا ولاعدم
     
     
    الضيف الغربي
     

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s