حــــــــــــين التقيــــــــــــنا


حين التقينا
كنا غريبين
على محطة الفراق
رأيتك تودعها أطراف الغياب
و رأيتني أودعه غابات البعد
عدنا فارغين
إلا من أسى ينازع شموخ الروح
متسائلا
انتهينا .!
هكذا في بضع دقائق..؟
كل ما احتجناه تلويحه وداع
و قطار يمضي على سكة الحداد
و مراسيم فك حصار الوعد.؟
و إنزال راية العناق…!
أهكذا تختصر سنين الوجد
في ثواني العناد.؟

حين التقينا

حكيت لي عنها كثيرا
وحكيت لك عنه طويلا
و تنفسنا الصعداء متأكدين
أنا أخرجناهما من دماءنا
أننا دفناهما في
في مقابر النسيان
و نفضنا أيدينا من غبار غدرهما
و اغتسلنا بالمطر
كنت تنتظر قطار الشمال
و كنت أنتظر قطار الجنوب
وحدنا و الحزن ثالثنا
و محطة سفر
تلفها ظلال الضجر
وحدنا
و وجوه تصفر
فيها أصداء أسئلة مبهمة الجواب
و بقايا
قبلات الوداع
وفضاء تترامى فيه
همسات عتاب
و شهقات نحيب
ومناديل بكاء
تكنسها أقدام الذاهبين

خيبة أن تصحو على صفارة
تصرخ في الروح
ها أنت وحيد غريب.!!

تشد ما تبقى لديك من عزم
على خاويات الضلوع
وتمضي متوغلا في كنه الغياب

حين التقينا
تأبطنا حزننا
اتخذنا ركنا قصيا
تحت ظلال البوح
نطمئن عيون الشامتين
أننا مازلنا بدونهم أحياء
أن كل الأنباء تؤكد
أننا ما نزال
نتنفس رغم دخان الشتاء
ارتجفت بردا
منحتني معطف ودك
ورأيتك متجمدا
فمنحتك شال الوفاء
تقاسمنا ليلتها رغيف الألم
و شربنا معا كؤوس الندم
و توسدنا أحزاننا
لم يكن كتف صبرك عريضا بما يكفي
لحمل رأسي المثقل بالهموم
و لم يكن صدر أماني واسعا
لكل ما لديك من رغبات و شجون
فكتفينا بالخيال
فبيننا حاجز بطول المستحيل
يرسل الصدى همسا حنون
و يكتم صراخ الجنون

حين التقينا

كنت أقرأك بعيون مغمضة على سهد
وكنت تسمع لهاث أنفاسي بأذن الصمت
كنت تعلم أني امرأة فارغة من الحب
لي قلب تعوي فيه عواطف الخواء
و تعول على مشارفه رياح الخوف
امرأة تقف حافية بين جنة الحلم و نار الهوى
في منتصف الشوق قبل الحنين و دون اللهفة إلا قليل
امرأة أدركت أن الحب شهاب ثاقب في سماء عمر ملبدة بغيوم الهموم
أن لم نلمحه سيمر مخلفا رمادا وهباءا منثورا
امرأة تحت وسادتها جمر ترمد
في صدرها غبار ذكرى
وفي دواليب أحلامها أثواب مشنوقة
وعلى طاولة آمالها ورد يصارع الذبول
وشموع لم يبقى منها إلا لهيب يصارع البقاء
و عطور مختنقة الشذا
و شرفة تطل على بحار شوق

حين التقينا

كنت أعلم أن
قلبك ما يزال محتفظ بتعاليم الوفاء
لامرأة أخرى حفرت صورتها
بأظافر القسوة على قلبك
و وشمت حروف اسمها في كفك
وعلمتك أن الشك بداية اليقين
لتكون بقلب يتحاشى ظل أي امرأة
واقفة تبكي على ناصية الوجل
و تضع متاريس الأسئلة الجوفاء
لتعرقل كل حقيقة تلقي بنفسها
في دائرة الضياء
و تصد بأضلعك
هجوما أي رمش يرسل سهام الهوى
فكان صدرك كأشطان بئر
رجل ودع الحب منذ زمن
و اكتفي باحتساء كؤوس الذكرى
و تدخين لفافات الأمل

حين التقينا

كنت تعلم أني المرأة الحلم
التي يتغني بها شعراء الهوى على قيثارة الوجد
و تشد لها رحال الحرف على هوادج الشوق
و ترفع لأجلها أشرعة المنى
و تعنون باسمها مواني السهر
كنت كمدن الأساطير
قبل أن تحاصرها جحافل الحزن

و كنت الرجل الأمل
الذي تخبي الغيد
قصائده في دفاتر الأيام
و يرسمن صورته في ليالي الأحلام
و ينقشن أسمه في كفوف العيد
كنت سيزيف يحمل صخرة همه كل صباح
و يعلو بها تلال النسيان
و في المساء تعود نحو حضيض سفوح الشجن

حين التقينا
قدمت لي قلبك
كطفل يتباهى به والده قبل الأوان
يناديه أن يلقى أنشودة الحب
التي حفظها عن ظهر قلب
همست ((أحبك)) على عجل
و مضيت قبل أن يدرك
شكك اليقين
مضيت مسرعا
متداركا ما قلت
متعثرا في خطى التردد
تاركا سمعي
يعيد الذكرى
أتراه قال أم يقل

أما أنا
أجبتك
أهذا أنت؟
أحقا ما أرى و أسمع.؟
ركضت يمنه و يسرة
علي أجد للوجد نارا
أو أجد في الشوق جمرا
طفت أبحث في حنايا قلبي الفارغة
عن شيء من بقايا الحب
عن قطعة حلوى لم تمر عليها
مرارة الصبر
شيئا في جراب الزمن البخيل
شيئا لم تمسه بعد أصابع الأيام العجاف
عن قطعة سكر نسيها نمل السنين
كنت كتلك التي فاجأها ضيف بليل
فراحت تعصر ضرع ناقة اليأس
عل أملا
يروي ظمأ الشوق
أو يشفي غليل الحنين
أعلم
أن جوع الحب عنيف
لا يشبعه رغيف الخيال
ولا يرويه نهر الحلم
فكل ما وجدته وهم هزيل
لا يسمن من جوع ولا يروي غليل

الليل يمر علينا كحارس
يخبرنا أن الفجر قريب
و أن قطار الفراق سيصل
بعد قليل
كنت أحتاجك
بكل معاني الرجاء
وكل مخاوف الخضوع
أحتاجك
رفيق أشاطره شيئا من يأسي
و بعض دموع
وصديق حين عز الوفاء

و كنتَ تقف متوجسا
من أن أكتشف أنها
ما تزل تسكن عينك
أو أقرأ وشم حرفها في يدك

كنت أتحاشى النظر في عينك
لكي لا تراه ساخرا من وقوفك
بقلبٍ يعلمُ هو ما حل به من خراب
حتى بات لا يصلح إلا للضجيج الضجر
وضخ الدماء الباردة في عروق الوجل

يوووه
لماذا حين يرحلون لا يأخذون أطيافهم
و خناجر غدرهم
لماذا لا نكسر مرايا غرورهم من ذواتنا
التي تعلقت بهم حتى الهيام
فأصبحنا
نحمل ملامحهم كأرث عظيم
نوزعه يتامى السنين

ارتعد
خوفا من مراسم الوداع
و أن أدخل أقبية الحزن من جديد
و أجلد بسياط الوحشة
أسامر القلق على نار الأرق
كنت أريدك صديقا
جرب كربة الغرق
في بحر السراب
يمد لي حبل النجاة
فمات الامل بيد العتاب

حين التقينا
اقتربت
أمسكت يدي
وضعت عينك بعيني
صرت أرى انكسارهما
بوضوح سافر
تماما كما أنت ترى
الدمع الحائر
في عيني
لحظة صمت

أختزلت
خيبة
أننا التقينا
كي نفترق
وهما جئت
و وهما مضيت
أدرت وجهك
هاربا من وجه حزني
ربت على كتف صمودي
كمن يضيف
ثقل جبل على بعير أعرج

أربكت
نسر الحزن الواقف على
ساعد أيامي
يقتنص عصافير الفرح
و يُردي أرانب أمالي قتلى
و يَجعل صغار أحلامي
تهرب إلى جحور اليأس

أدرت ظهرك
و مضيت تجر خطاك
كان صوت الرحيل
كصوت الحقيقة
يسحق كل رجاء
أن تلتفت مرة أخرى
إلى الوراء
كان عويل الريح أقوى من صوت أنيني
وكانت الطريق أطول من آهة بكاء
الضباب يخنق الرؤية
فلا أرى إلا غبش الظلال
أسمع قرع نعلك مبتعدا
و قلبي
مسجى في قبر الصمت
يسمع نداء الروح
الصارخة
توقف أرجوك…!!
توقف.!
يتلاشى الصوت
كان لقاء على حافة حلم
و استفاقة على حافة ندم
\
\
\

اللوحة رسمتها بالالوان الزيتية
(أسمها  خيبة )
 
 
 

هذا المنشور نشر في غير مصنف. حفظ الرابط الثابت.

1 Response to حــــــــــــين التقيــــــــــــنا

  1. ME كتب:

    لاتكفي أول قراءة لحرفكبل الحروف تدعونا للعوده مجدداففي كل مره نقرأ بها فصلا جديدا وكل مره نراها بحلة جديدهويبقى التميز سمة حرفك دومادمتي رونقا لامثيل له

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s