صمت





كثيرا ما تنتهي قصص الشوق بالصمت
قصة شوقي إليك تداولتها ألسن أشباح الأرق
فتركتها بقايا ظنون يلعقها السكون بأصابع الضجر

وكثيرا ما تعمدت أن لا أنظر في عيون محدثي
كي لا يبادرني بسؤال من فصيلة الفضول
من هذا المختبئ في عينيك…؟
فيكون الجواب صمت كبير لا يقطعه غير خفقة خوف
و نظرة ذهول.
بصمت أغمض جفنا يعشش حوله ملح الدمع
ومحاط بخضاب ليل تطاول سهده ..

بالأمس
ترددت كثيرا على مزارات الوله و تفقدت أماكن تركنا فيها
عطر الذكري و شيء مما يفعله الساعين نحو الخلود في ذاكرة
القلوب حين يقرروا مخالفة قانون الوصل ، فيرتدوا على أعقاب الخواء خائبين…

الانسحاب اعتراف رسمي بالهزيمة و إشهار لا يرنو له شك
بالعجز عن الدفاع المشروع

معك كنت عاجزة حتى عن نطق حروف الوداع تماما
كعجزي عن فعل اللقاء..!
كطائر مكسور الجناح يرمق سربه المهاجر نحو الدفء
مكتفيا برفرفة أنين متمرغا في صقيع الخوف.
كان الصمت يعزف على ناي العناد لحن النأي الفريد
وحدها مشاعري تراقصت حزنا و وحده قلبي تمرد كالآبقين
وكان الحب ضحية من لم يحسن الصيد فبات ليلته على الطوى
يشد حزام الوعد على الخواء
يتسرب منه ماء الحياة و بالقرب منه تقف غزالة عمياء…!!

كنتُ قوسا محني على وجع و كنتَ سهما يسابق السنين
وكان الحب تفاحة سقطت بعيدا عن يد الحلم .
فلتهمتها دودة الغبن…!!

قلت لك مرة :أن قلبي ناقص لا يصلح لحب رجل مكتمل الهوى
قلت : لي حق التجربة.. ولك حرية الإختيار الهجر أو اللقاء !
قلت : من المؤسف أن نكرر تجربة فاشلة بإصرار
من يفسر الماء بالماء
ومن يريد أن يثبت أن الحنظل

سيثمر تفاحا لو سقيناه عسل …!!

أو
كمن يبحث على مكعب ثلج في حميم بركان

مشتعل حتما سيصادفه الفشل ..!!
ضحكت يومها و قلت : يائسة أنت .أجل
قلت : كلا المنطق دائما ضد الهوى
و الحقائق تقتل الأمل
لا تنسى الثمن باهضا هذة المرة..
تسائلت نافثا صبرك : وما هو..الثمن..؟
قلتُ : ظلك……….؟
قلت :إذن ليكن..

أحيان يكون البعد أحب إلينا مما يعدنا به الحب ..
أتعلم لماذا ..؟
لأن أحدنا يفتقد جرأة السير متأبطا ذراع الآخر
في وضح نهار جميل غير آبه بالوجوه العابرة وحين يستوقفك أحدها لحظتها لا
تتخذ سبيلك نحو الغياب هربا . حاملا مزودتك
صرة من صبر و رغيف ألم و راحلتك ناقة ذكرى…!! يحدوها المحال ….!!
بل تشير إليه فخرا قائلا ((هذا حبيبي )).

الحب كفتا ميزان بين عطاء و أخذ و الخيوط الرفيعة مشاعرنا
معا في يد العدل ساعتها لا غبن ولا خصام ولا لوعة ولا هيام
حبنا كان كفتا انتظار بيد الوجل

كنت تفتح عينك في سماء الهجير فلا سحب أماني
ولا حتى سراب نسيان يلوح في أفق الرجاء

وكنت أفتح نافذتي أتلمس ضياء بسمتك
فيفاجأني ظلام دامس يعلن غيابك عن حدود قلبي
أنظر حيث خطوتي و أجدني أنا ابتعدت ايضا
ابتعدت حتى أكاد لا أعرف أين أنا مني..!!

تسألني كيف أنت بعد الهروب الأخير
أطمئن لا شيء تغير
فقط أصبحت أعرف كل شيء عن ظلك أعرف متى يتطاول
غرورا ومتى ينحني متعبا متى يطيب له الصمت ومتى يركن إلى
ذراع ولهي ومتى يغفو متدثرا جفن الحلم
أعرف خطواته حين يعود من زحام نهار مشمس منهك القوى يتصببُ شوقا
و أعرف خطواته إذا ما هم بالجنون فيتراقص طربا على شرفة المنى

ومتى يتمطى كقط سيامي على أريكة الشك يرمق حركاتي
بعيون الريبة يجعل مني فأرا مذعورا يبحث عن جحر عذر
يشفع لي الأمان أو كرة خيوط ملونة يدحرجها على سجادة الوهم بيد الحنان

بالأمس لامست سقف الفرح بعودتك ولكن سريعا انهارت ابتسامتي تحت وقع العتاب لم أتخطى عتبة اللهفة
حتى صدمتني أبواب الغياب

كل ما قلته أنت ينطوي تحت بند شجب
وكل ما أقوله هنا ينطوي تحت بند احتجاج
كلانا يجيد الضجيج و الصخب
وكعادة العرب لدينا ألف مبرر للخذلان
و ألف راية غضب
لن نسمع مشاعرنا التي رفعت شعار الصمت
بعض الحروف يجب أن توأد في سطرها لأنها لن تبلغ عذرا أو نذرا
ولن تشرح شوقا ولن تصنع حل………
بعض الحروف لها نصل مرهف يقطع الشك باليقين
لنذكي لها نار الشوق أكثر و لنطرقها بمطرقة الحنين على سندانة الوجد
فلربما خرجت من أوار الحزن حروف تعلن بكل وضوح

لماذا أصبح لكل منا ظلا منفردا بعد أن كان يجمعنا ظل.
لحظة صمت
نحتاجها
حين نريد أن نقول
ما لم نقل..!!

هذا المنشور نشر في غير مصنف. حفظ الرابط الثابت.

1 Response to صمت

  1. ؟ كتب:

    كل مااستطيع قوله انوماكل مايتمناه المرء يدركه

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s