
مر عام……………..
وماذا بعد…؟
أغتسل بالشوق إليك
كأن نهر حنين
يمر بهذا القلب الواقف على شرفة الانتظار
كأن سحب البعد تمطر دنياي هموم
تبلل وجنات الليل
و تسيل أودية السكون
و ماذا بعد..؟
بالأمس
مر عام ملوحا بالوداع تاركا رماد الساعات
تذروه رياح الذكرى على مفرق النهار
مر عام
و تلك الصبية التي تحمل في رأسها
أحلاما مستحيلة تقف على مرفأ العمر
تجادل قبطان الأمل أن يأتي بالبشرى
تقايض بصدفة الرؤى
مكانا في سفينة المنى
تجف الأهة على شفتها عطشا
تبللها بالسراب
و قبطان الأمل متمسكا بالعناد
تغيرت المواني
و وجوه العابرين
إلا تلك الصبية
بقيت في أسر وهم حزين
و أمنية أن تلقاك
أو تعود… من غياهب المحال
وماذا بعد…؟
بالأمس لامست صوتك
تحسسته بأذن مشاعري
كتمت انفاسي لأعي أني أسمعك
بكل جواري المنتصبة على استحياء
بالأمس
كان صوتك هادئا
واضحا رغم صخب مخاوفي
رائقا كأنه ابتهالات موقن بالقبول
وكان صوتي مرتجفا كاعترافات مذنب
حائرا ماذا يقول
كان صوتي تلميذ تغلبه عبرة الرهبة
وصوتك معلم يدرك أبعاد اللعبة
كان صوتي وردة
و حنجرتي غصن
و مخاوفي عاصفة
و كان صوتك سحابة
وهمسك رذاذا
يرطب أجواء الهجير
بدت حروف اسمي
كغيث فرح
كأن العيد يخرج من شفتك
متعبا ليغفو في قلبي إلى الأبد
همسك يبدد
وحشة الظنون و يشدني
نحوك بحبل الوصال
كلماتك
ترسمني لوحة في السماء
ملونة بألوان قوس قزح
تلبسني الشمس رداء
تسكنني قمر السهر
و تسقيني رحيق النداء
و تطعمني يقينا و ضياء
كانت بنبرتك تعدني بالأمان
و تغرقني بالحنان
و تغريني بالبقاء
و أعود من رحلة الصوت بالصمت
و بوهم يتعثر بحقيقة المحال
لاهثة من مسافات البعد
هائمة من خيالات الوجد
ماذا بعد..؟
أفقت بعد عام
لا أحد
لا أحد
هنا سوى طيفك و أنا
وصدى يتردد
و ماذا بعد…
وماذا بعد….؟!
و السواحل تحدث الموج
عن لقاء تم في غياهب الوهم
عن حلم يسكنه اثنان
أحدهما غائب
والأخر هائم
وبينهما
بحر
وسماء
وماذا بعد..؟
أعادني الأمس إلى ذكرى
الصوت الذي يناديني
و يتوعدني لو تأخرت بالهجر
أسكن المدى لأنعم بالصدى
لأكون أول من يتلقف حرفا
خارجا من أتون اللهفة
عبقا بالعطر
منتشيا بالحبر
مفخما بالكبرياء
صوت يخترق أسماع صمودي
فتتلاشى فلول الصدود
و أعود
أعود
مرددة
و ماذا بعد…؟
بالأمس
خرجت تلك المجنونة التي تحبك
و تسكنني
تعربد من جديد
تعيد صرختها المكتومة
بالويل و الوعيد
تتوعدني بأن تحرقني شوقا
و أن تصلبني تسهيد
و تلقي على مسامعي
خرافة تلك التي عصت قلبها
فاستحالت حجرا و جلمود حديد
و تلك التي قبلها أميرها
فرقص لها الوجود
ما تزال تحمل حذائها
و تجوب أروقة الخلود
وباحثة عن قصرك
و ترحل في غيها ناشدة وعدك
تناديك (…….يا أيها البعيد….)
مر عام وهي سادرة
في جنون حبك
و ماذا بعد..
يا همي الوحيد
وماذا بعد ..؟
ما تزال ابتسامتك تحرضني على البكاء
ما تزال كلمة أحبك تفتح أمامي أبواب الجحيم
وما تزال الأشياء التي تركتها في قلبي
تزاحم النبض الهواء
ما أزال أنا كما أنا منذ عام
كرهتني نوافذ أحرقها بأنفاس الحنين
و فرت الحروف وجلة
من معاني العذاب
و تلاشت معاني الكلمات العتاب
و عاتبتني الأوراق ضجرا من صمت العناد
و جف الحبر على وجع السطور
مبعثرة أنا بينك وبين عمري
الذي يمضى مسرعا نحو العدم
مخلفا ذكرى و ندم
و أمنية ترفضها كل مسوغات
الشجون
متسائلة
وماذا بعد..؟