
ومنذ أن كتبتك تاريخ ميلاد و قصة عمر
ومنذ أن صار لك الشوق وكل الوجد
و أنا اشتاق
لأن أكون وحدي تماما كما كنت وحدي أحبك
معك نسيت نفسي حتى بت لا أعرفني
أغمض جفني و أحلم بك
و افتح جفني انتظارا لك
ولا يشغلني سوى أنت بك
أكتب لتقرأني
فــــــــ كل الأبجديات
تزف حروفها لك
و تترنم المعاني لك
و تمتد السطور لك
و تتوالد الأفكار لك
و يجود الحبر لك
وكنت وحدي أحبك
حين كتبتك باسم
و احتفظت به لنفسي
وعلمته مشاعري
و أخفيته عن الجميع
أخرجه لحظة
الشوق وحدي
أسما لا يليق إلا بك وحدك
بغروري أنا بك
أعدو للمرايا لأرى كيف أنا في عينيك
هذا الصباح
يااه مزدحمة أنا بك
و بأشيائك و بكل ذكرياتك
مزدحمة حتى التعثر بوردة جافة
و التبعثر بزجاجة عطر فارغة
منسية على رفوف تعلمت كيف تفسح مكانا لكل
أشياؤك و تضيق بأشيائي
مثقلة حد الاصطدام بحاجز يتحرك معنا يمنعنا
من تنفس اللقاء
حين كنت وحدي أحبك
قبل أن تمر
ممتطيا صهوة الريح
لوحت لي بالوجد
فخانني صمودي وتمرد قلبي
وهاجرت فلول مشاعري نحوك
واختارت روحي السكنى حيث أنت
لأن مدنك مزدحمة بأحرف النساء
كنت حرفا يتوثب لينتصر
على كل من سبقنني
إلى شواطئ قلبك
كنت رجلا استثنائيا لا تجود
بمثله الأيام و لا تسعه الأحلام
كنت وحدي أحبك بصمت
و أخطط ومشاعري كيف أعلن لك
و أتحاشى أن تجدني متلبسة بجناية وجد
فتشفق علي مادا يدك بما يتسر لك من عطف
فكنت أعيد كل لليلة خطة القفز على أسوار عينك
فكنت وحدي أثقب حاجز البعد و أمد جسر الود
وفي الفجر أرتمي على أوراقي ويدي مثخنة بالحبر
لأحلم أني وصلت
وكنت وحدي أحبك
حين وسدتك ذراع الشوق
ودسست في عينك حلما
وسكبت في أذنك همسا
وعلقت مابين منكبك و عنقك رقى
من دموع
و حرزا من رجاء
ورصعت كتفك بنجوم السهر
راقصت ظلك
على نغم الحنين
ورافقت طيفك في رحلة نحو النجوم
و أحرقت صدرك بآهات الوداع
و جادلتك في لون الورد
و عاتبتك على نسيان الوعد
وعاهدك إلا أنساك
و حين كنت أحبك وحدي
حين اعتليت فرس العناد
و أطلقت صهيل الوداع
هددت وتوعدت أن أمحو ذكراك
وكسرت قوارير العطر
و مزقت أثواب اللقاء
و أطلقت على البوح رصاصة الصمت
وركلت شموع الأماني
و أحرقت غابات السكون
و أجلستك أمامي كتلميذ أنساه النوم واجبه
وسردت عليك أولويات الحب و تعليمات العشق
وهددت بأن أطردك من فصول حياتي
لتفهم لأني أحبك لا أريد خذلان منك
وحين كنت وحدي أحبك
كنت أكتب اسمك على جدران الوقت
و أمحوه من أجندة المواعيد
و أفتش عنك في خطوط يدي
و أمزق رزنامة العمر الخالي منك
فكم وردة مزقتها
وكم أصبع أرهقته أعد عليه
لحظات الهناء
و حين كنت وحدي أحبك
أصررت على نسيانك
فرجتني أشياؤك المبعثرة في قلبي
أن أحتفظ بها و ليتني لم أفعل
فلقد توالدت و انقسمت حتى أصبحت أمة تطالبني
بحقوق العيش الرغيد وتوفير سبل الرخاء
فكنت اسهر لتغفو و أتعب لترتاح في ذاكرتي
و أحيطها بحضن الوفاء
أخرج رسائلك الوهمية من أدراج الذكرى
أقرأها على ضوء قناديل الصمت أمام مدفأة الحنين
كان الشتاء باردا تماما كصقيع الصد
وكنت وحدي أحتاجك دفء
وأرسمك معطف أدس خوفي فيه
و أمارس البكاء
موحش ليل بلا أنت
وخانق دخان الشتاء
وحين كنت وحدي أحبك
هزمني الشوق ذات تحدي
وعدت
أنبش في سطورك
و أبعثك من مرقدك في قلبي
و أعيد عليك أعذار البعد
وأني حين خرجت من بوابة قصرك
شهق المقبض قائلا : إلى أين…؟
و سلب عطرك من يدي
واستبقته العتبة شامتة بالأجابة:
دعها ستعود… فقد ادمنت الشوق..!!
وحين كنت وحدي أحبك
حين كنت أشاطر الليل ذكرك
فأتلو على مسامعه حروفك
و كأن النجوم تصغي
و تبادلني البكاء بريق
وكنت وحدي أحبك
حين رسمتك ابتسامة الفجر
و عرفتك على أمواج البحر
يووووه
لا أنسى يوما
تبعتك موجة صغيرة تشاغب قامتك
ضحكت ، نظرت إلى عيني
و أدهشك أني عليك أغار
وكنت وحدي
حين طوقتني بعقد الياسمين
و أسمعتني (( سهار بعد سهار))
و جعلت من ذراعك حصنا
ومن صدرك عرين
وكنت لبوأتك التي تجيد المواء
بــــــــــــ( بعدك على بالي )
كنت وحدي
حين أحببتك بلا قيود
و أحببتك كما شاء له
الحب أن يكون
فكنت المدى الذي أصرخ فيه بنبرة الجنون
أحبك
وكنت الصدى الذي يرتد
أحبك
وكنت وحدي
أضحك معك حتى الاستلقاء
على ظهر الضجر
وكنت وحدي أبكي أمامك حتى يزهو القهر
وكنت وحدي أحرث حقول الأماني و ابذر الأمل
و أهش غربان الخوف
وأجعل من ظلك فزاعة لطيور الظنون
ومن هجرك صيفا ومن صدك شتاء
ومن حضورك ربيعا و من انتظارك خريفا
و من حنانك مطرا ومن همسك نسيم
كنت وحدي أعيش فصولك و أتشكل بذورا و زهر
حين كنت وحدي أحبك
أغني لك بصوت الشجون على أوتار
الرجاء
فيصدح الصوت في فضاء السكون
يستحث قلبك على أن ينتعل اللهفة
و يستبق الخطى
و يمتطي صهوة القرب
غير أني في منتصف
الشوق أرتل الخوف
و أستعيذ من شبح العشق
ومن هيام الجنون ومن
وعثاء السفر في تلك الدروب
فتنزلق نبرة الصوت
على حنجرة الصمت
و تخرج أنين جرح غائر الوجع
كعزف ناي الحزن على قبور الوفاء
أو ترنيمة مذنب قرر أن يتوب
فتكون غصة رجاء
حين كنت وحدي أحبك
أحبك الاهتمام معي
يدفعني أن أفتش عينك عن بواطن الرضا
و أذنك عن رقة البوح و أنفك عن نشوة العطر
و شفتك عن دفء الهمس
يدفعني أن اختار لونك الذي تحب
وعطرك الذي تفضل
و مكانك الذي تستطيب
فكنت أحب لون الليل ورائحة العطر الممزوج
بالبن وشرفة البحر
وحين كنت وحدي أحبك
و أحبك معي الأمل فكان يمدني بخيوط الوصل
ويصاحبني إلى نوافذ الانتظار وكلما لاح يأس أطلق
عليه من الصبر عيار
فكنت معه أعيش كما يعيش الثوار
الذين يتوسدون الموت و يحلمون بالنصر
هذا الصباح
جاء بأمنية أن أعود وحدي أحبك
يااااااااه ليت إنا بقينا حلم و وهم
ولم يكن يوما بيننا لقاء
لكنت بقيت وحدي أحبك كما أشاء
أمنية تحطمت على جدار حاحز
يتحرك بيننا أسمه المحال